الوضع المظلم
الأحد 24 / نوفمبر / 2024
  • ام محمد "الغزاوية"...تحرش جنسي بطفلها واعتداءات جسدية اثناء رحلة هجرة مريرة

  • بحثت عن حياة آمنة لأطفالها، فوقعت في مصيدة المخيمات
ام محمد
من مخيم لوروس اليوناني

امستردام - محمد عيد

دفعت هجمات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، توازيا مع تواصل الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالقطاع، بعد سيطرة حركة "حماس" على الحكم، دفعت آلاف الغزيين، في البحث عن حياة جديدة خارج القطاع، سواء عن طريق الهجرة غير الشرعية عبر العبور بقوارب الموت من شاطئ غزة أو الخروج براً من القطاع عبر معبر رفح إلى مصر والانتقال إلى القارة الأوربية، وذلك بعد أن تحول قطاع غزة إلى كتلة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. 

منصة "مهاجرون الآن" التقت السيدة (أم محمد) من سكان قطاع غزة التي هاجرت بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، برفقة أربعة أطفال، ومرّت بظروف إنسانية صعبة، منذ انطلاق رحلتها من القطاع في عام 2017، علاوة على الضغوط النفسية التي عاشتها مع زوجها السابق، ومعاملته  السيئة لعائلته، وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى الانفصال، فتحملت ( أم محمد ) المسؤولية كاملة على رعاية أسرتها، ومع تردي الأوضاع  الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها أهالي القطاع وغياب الأمل في تحسنها، بسبب سياسة سلطة أمر الواقع التي تديرها حركة حماس، وخاصة ما يتعلق بتقييد الحرية الشخصية للمرأة، فالفلسطينيون شعب منفتح ومتسامح، والمرأة الفلسطينية طالما تمتعت بأدوار ومكانة اجتماعية مهمة.

بداية الرحلة من معبر رفح

 وفي ظل هذه الظروف الصعبة، اتخذت أم محمد قرار الرحيل مع أطفالها الأربعة برفقة أخوها وأختها، وبدأ مسار هجرتها عام 2017 عبر معبر رفح الحدودي جنوبي قطاع غزة، باتجاه مصر، إلا أن عبور المعبر لم يكن سالكا للجميع، ما لم يتم دفع مبلغا ماليا للجهات التي ستسمح لهم بالعبور، حيث دفعت أم محمد عن كل فرد من عائلتها مبلغ وقدره 3000 دولار، حتى استطاعت الوصول إلى الحدود المصرية، وجلست لمدة أسبوع مع عائلتها في مركز الحدود، لتنتقل لتعيش لمدة عام في مدينة 6 أكتوبر التابعة للعاصمة المصرية القاهرة، قبل أن تقرر الانتقال إلى تركيا، والتي سكنت فيها لمدة ثمانية شهور في اسطنبول، وبعد تعثرها باستخراج الإقامة التركية لأطفالها، بسبب طلب السلطات التركية موافقة الأب، الذي بدوره لم يوافق على مساعدة عائلته، قررت أم محمد السفر إلى اليونان.      

محطة مخيم لوروس

وتروي أم محمد لمنصة " المهاجرون الآن" تفاصيل رحلتها غير الشرعية  إلى اليونان في بداية عام 2019 وتقول: "تواصلت مع أحد الأصدقاء، الذي ساعدنا بدوره في التواصل مع أحد مهربي البشر، وعبرنا البحر بيخت سياحي إلى "جزيرة لوريس" اليونانية، وخلال الرحلة أمسكنا خفر السواحل اليوناني، وأخذوا مني أطفالي الأربعة ووضعوهم في شقة، وأخذوني مع أخي إلى مركز الشرطة للتحقيق معي، ولكن لم أتحمل غياب الأولاد عني، فحاولت الصراخ والبكاء، بعدها نقلوني إلى شقة أطفالي، ثم تم ترحيلنا إلى مخيم لوروس.

أخذوا بصماتنا وتفتيش ملابسنا الخارجية والداخلية، مما أثر على نفسية أطفالي وخاصة ابنتي الكبرى البالغة من العمر 12 سنة، وبعد انتهاء إجراءات التفتيش، وضعونا في صالة كبيرة مع الكثير من طالبي اللجوء وجلست في هذا المخيم لمدة أربعة  شهور بظروف سيئة جدا، حيث بدأت تظهر علامات التعب النفسي على جميع أبنائي وخاصة ابني محمد، الذي يعد أكبر أخوته من الفتيان.

وبعد معاناة كبيرة نقلت السلطات اليونانية العائلة إلى مخيم ريتسونا بالقرب من العاصمة اليونانية أثينا، "لم تكن لدي أدنى فكرة عن اقتراب موعد عزلنا عن العالم الخارجي، وهنا بدأت معاناتي الحقيقية في هذا المخيم الذي لم يكن أحسن حالا من السابق ، بل أسوأ لما مررت به من ظروف قاسية ، دفع ثمنها اطفالي لاحقا وخاصة ابني محمد"، تستأنف أم محمد روايتها.

نفوذ بالقوة واعتداءات جنسية

تتابع أم محمد حديثها للمنصة: "في الشهر الرابع من عام 2019 وبعد تسلمي غرفة في المخيم الجديد، دق على باب غرفتي  رجل يلبس عباءة ويمسك مسبحة  طويلة، وكان يرافقه 6 أشخاص من جنسيات عربية متنوعة، وطالب بأن يكون وصياً علي وعلى أولادي بحكم أنني امرأة مطلقة، وهذا الرجل  يعتبر من الأشخاص المتسلطين في المخيم والمُدّعين بتطبيق الشريعة الإسلامية، حيث كان يحاول بسط  سيطرته على الناس بعد مغادرة أفراد المنظمة المعنية باللاجئين والشرطة عند انتهاء دوامهم الرسمي مساءً، ومباشرة صرخت عليه وطردته، فهددني ثم عاد مرة ثانية  إلى الغرفة التي أسكن بها وهي عبارة عن كرفان، ثم حاول التسلل مع عصابته، وهنا بدأت بالصراخ وكان أطفالي الأربعة مذعورين ويصرخون، فتدخل الجيران من الأكراد السوريين وطردوهم من المكان.

وفي اليوم الثاني جاء رجل من قبل أخي حاملا معه نقود من أجلي، وخلال وقوفي مع الشخص، جاء أفراد نفس العصابة وضربوا الرجل، وكسروا باب غرفتي وهددوني بانتهاك شرفي في حال قدمت أي شكوى عليهم، ولكن في اليوم التالي قدمت بلاغ  للشرطة والمنظمة وأعلمتهم بما حدث، ولكن لم يتخذوا أي إجراء بحق هذه العصابة، بل طلبت مني المنظمة بالتنازل عن الشكوى، كي لا تتضرر عائلات المعتدين، ولكن أصررت على بلاغي، وتم اتخاذ قرار بإبعاد أفراد العصابة لمدة أسبوع خارج المخيم، وخلال هذه المرحلة جاء رجل عربي قصير القامة  يسمى أبو خالد، على الأرجح مرسل من قبل أفراد العصابة الذين تعدوا على منزلي سابقا، وبدأ أبو خالد بالتحرش بي  وإطلاق الكلام البذيء، وأحضر كرسي وجلس أمام باب غرفتي، وطردته وفي آخر الليل حاول الدخول من شباك الغرفة وقاومته، واستيقظ أطفالي وأصوات بكاءهم وصل  إلى الجيران الذين تدخلوا ونشبت معركة بين المعتدي وبين جيراني، وتلقى صفعة شديدة، ليعود في اليوم التالي برفقة بعض الأشخاص، وعاد الشجار و تم استخدام السكاكين، وجرح أحد الشباب من الجيران، ومباشرة طلبت سيارة وأخذت أولادي إلى منزل صديقة كانت تقيم في منطقة قريبة من المخيم، بعدها قدمت أكثر من شكوى للمنظمة  ولم يقدموا أي حلول، وشعرت أن حالة أطفالي النفسية بدأت تسوء كثيراً.

تطورت الأوضاع السيئة أكثر، بعد محاولة شاب عربي- رُسم على جسده الكثير من الوشوم-  بالاعتداء جنسياً على ابني الكبير محمد حين كان  يلعب في الحديقة، حيث انزل بنطاله وملابسه الداخلية، سمعت صراخ ابني، فهجمت مباشرة على الشاب الذي كان يبدو تحت تأثير المخدر، ضربته وأبعدته عن ابني الذي تسببت هذه الحادثة بصدمة نفسية له، كما ارتفعت حرارته لمدة أسبوع وكان في الليل يشعر بالخوف ويتبول على نفسه، وتعرضت ابنتي الكبيرة آمال لعملية دفع (دفش) من أحد الأشخاص وأدى ذلك أيضا إلى كسر بسيط في رقبتها، وبعد عامين من المعاناة في مخيم ريتسونا، حصلت على منزل بمساعدة المنظمة التي تعنى باللاجئين واستلمت البيت في منطقة أنوبتسيا.

بدأت هنا معاناتي مع أحد الجيران اليونانيين الذي كان يطالبني  بعدم إصدار أطفالي لأي صوت بحجة أنهم يسببون له الإزعاج، علاوة على التنمر الذي كان يحدث على الأطفال في المدرسة التي التحقوا بها، واستمريت في سكني الجديد لمدة خمسة شهور، ثم انتقلت عام 2020 إلى منطقة اسمها "كيبرو" واستأجرت شقة، وبدأت العمل من أجل مصروف المنزل ومصروف جلسات العلاج النفسي لأبني محمد، حيث كان يرفض الذهاب إلى المدرسة، وكان في حالة غضبه يحاول تحطيم أغراض الشقة من زجاج وأثاث، و لم يكن هناك أي فائدة من جلسات العلاج النفسي، حيث كانت الدكتورة المشرفة على حالته تعطيه فقط دواء لأجل النوم، فقررت مغادرة اليونان بعد حصولي على إقامة 3 سنوات، وانطلقت بالطائرة مع أطفالي باتجاه بلجيكا ونزلت في مطار بروكسل ومن هناك انتقلت إلى هولندا، وطلبت اللجوء في مركز اللجوء في مخيم تير ابل، وما تزال معاناتي مستمرة مع ابني محمد  حيث لا يزال، منطويا على نفسه، ويبتعد عن الناس، ولا يخالطهم، ويرفض الذهاب إلى المدرسة، وأملي في حياتي الجديدة القادمة أن أجد العلاج النفسي في هولندا، كي يعود إلى حياته الطبيعية أسوة بأخوته وأصدقائه.

للاطلاع على قصص سابقة عن المخيمات

 

صور من المخيم

مخيم ريتسونا
مخيم ريتسونا

مخيم ريتسونا1

 

ووصل المهاجرون الآن مقطع عن الأوضاع في مخيم لوروس اليوناني ننشره أدناه

 

 

تصويت / تصويت

هل العنصرية ضد المهاجرين ممنهجة أم حالات لاتعبر عن المجتمعات الجديدة؟

عرض النتائج
نعم
1%
لا
0%
لا أعرف
0%

الأكثر قراءة

ابق على اتصال

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!